يستحضر فيليب لام ذكريات تجربة طفولته وهو يشاهد بطولة كأس العالم لكرة القدم على شاشة التلفزيون للمرة الأولى في حياته، حيث مازال يتذكر المشوار الناجح للمنتخب الألماني بقيادة لوثار ماتيوس في نهائيات 1990. والآن وبعد مضي 24 سنة على تلك اللحظة التاريخية، جاء الدور على الظهير المخضرم لرفع اللقب نفسه في البرازيل، حيث وقف شامخاً على منصة التتويج بملعب ماراكانا الأسطوري بعد فوز بلاده على الأرجنتين بنفس النتيجة، ليتربع منتخب المانشافت على العرش العالمي للمرة الرابعة.
وفي مقابلة حصرية مع موقع اللجنة العليا للمشاريع والارث (sc.qa)، قال لام: "كنت طفلاً صغيراً في العام 1990، وكانت تلك هي النهائيات الأولى لكأس العالم التي تابعتها عبر شاشة التلفزيون".
وأضاف: "كان عمري بالكاد يتجاوز ست سنوات عندما شاءت الأقدار أن تُتوَّج ألمانيا بطلة للعالم. كانت تلك تجربة جميلة جداً بالنسبة لي. إنني أتذكرها بفخر واعتزاز، كانت المباريات رائعة وكان المنتخب الألماني يضم في صفوفه لاعبين كباراً، تحت إمرة المدرب القيصر فرانز بيكنباور".
باعتباره أحد أفضل لاعبي مركز الظهير في كرة القدم ال
حـديثة، كان لام ولا يزال دعامة أساسية من دعائم فريق بايرن ميونيخ تحت قيادة المدرب الاسباني بيب غوارديولا، الذي سيترك النادي نهاية هذا الموسم بعد ثلاث سنوات في بافاريا.
وأعرب النجم الألماني المخضرم عن حزنه لرحيل المدير الفني الأسباني، فإنه يتطلع في الوقت ذاته لبدء العمل مع المدرب البارز الآخر الأيطالي كارلو أنشيلوتي، الذي سيستلم دفة قيادة الفريق الصيف القادم.
وأفصح لام في هذا الصدد قائلاً: "لعبتُ تحت قيادة العديد من المدربين الكبار، بعضهم من ألمانيا مثل اوتمار هيتسفيلد وفيليكس ماغات ويوب هاينكس، وبعضهم الآخر يُعدّون من بين العظماء على المستوى الدولي، أمثال الهولندي لويس فان غال وبيب غوارديولا مدربنا الحالي، قبل أن ينضم إلى هذه القائمة مدرب كبير آخر هو كارلو أنشيلوتي، الفائز بدوري أبطال أوروبا مع ميلان الايطالي مرتين وريال مدريد الاسباني مرة واحدة".
أوضح: "أتطلع إلى قدومه بالتأكيد، ولكني في المقابل أمضيت أوقاتاً جيدة جداً مع بيب ومازال أمامي بعض من الوقت للاستمتاع بالعمل معه. هناك تفاهم جيد بيننا. لكنني أمارس كرة القدم منذ سن السادسة، وكما نعرف فإن اللاعبين والمدربين يأتون ويذهبون. إنها سُنّة الحياة. وعلى المرء أن يتقبل هذه القرارات ويحترمها".
أكد لام أن بايرن ميونيخ سيسعى لإهداء غوارديولا أفضل ذكرى ممكنة قبل رحيله هذا الصيف، مشيراً في الوقت ذاته إلى مدى صعوبة تكرار الثلاثية التي كانت من نصيب فريق ألماني مرة واحدة فقط على مر تاريخ كرة القدم وهو ما فعله بايرن العام 2013 حين فاز بالبوندسليغا والكاس في المانيا ودوري ابطال اوروبا.
وقال المخضرم البافاري: "الهدف هو أن نبلغ النجاح من خلال أسلوبنا الكروي، هذا يعني بالنسبة لنا التتويج بالألقاب في نهاية الموسم. كل من يعرف بايرن ميونيخ وتاريخ نادينا، وكل من يستحضر كذلك مواسمنا الأخيرة، يُدرك أنه بإمكاننا التنافس على الصدارة في جميع المسابقات والفوز بجميع الألقاب الممكنة. هدفنا دائماً هو التنافس من أجل تحقيق أقصى قدر من النجاح والحصول على جميع الألقاب الثلاثة، ولكننا ندرك مدى صعوبة ذلك. فقد سبق أن فاز فريق ألماني بالثلاثية مرة واحدة فقط".
ويكمل قائلا: "حظينا في قطر بالظروف المثالية للتحضير بأفضل طريقة ممكنة. مازال المشوار شاقاً وطويلاً. نحن الآن في شهر يناير/كانون الثاني بينما لن يُعرف مصير الألقاب إلا في مايو/أيار. وبالطبع ستكون نهاية فترة غوارديولا مثالية إذا نجحنا في إحراز جميع الألقاب الثلاثة. هذا هو الهدف الذي يراودنا جميعاً".
صحيح أن بايرن ميونيخ مقبل على امتحان عسير في دوري أبطال أوروبا عندما يلاقي يوفنتوس الذي يعيش فترة زاهرة، بيد أن لام يَعتبر بطل ألمانيا الفريقَ المرشح للمضي قدماً في المسابقة: "أوقعتنا القرعة في مواجهة صعبة لأننا سنلاقي فريقاً تأهل إلى نهائي دوري الأبطال الموسم الماضي. لن تكون مواجهة ثمن النهائي سهلة بتاتاً، حيث سنلعب ضد فريق مُحكم التنظيم من الناحية الدفاعية، كما أنه يزخر بلاعبين كبار قادرين على إحداث الفارق. ومع ذلك فإنني أعتقد أننا الطرف الأوفر حظاً".
بالإضافة إلى النادي البافاري، يَعتبر لام أن قائمة الفرق المرشحة للتنافس على المجد الأوروبي هذا الموسم تضم بالأساس حامل اللقب برشلونة وغريمه التقليدي ريال مدريد، الذي يدربه حالياً زين الدين زيدان، إلى جانب بطل فرنسا باريس سان جرمان.
وقال كابتن البايرن في هذا الصدد: "ستلعب الفرق الأسبانية دوراً رائداً مرة أخرى. برشلونة يترك انطباعاً جيداً جداً في الوقت الحالي، ويجب ألا ننسى أنه حامل اللقب. ينطبق نفس الأمر على ريال مدريد كذلك. صحيح أنه يُمكن اعتبار باريس [سان جيرمان] ضمن المرشحين، ولكني أعتقد أن التحدي الأكبر يتمثل في الأندية الأسبانية. من الآن فصاعداً، ستتطلب جميع المباريات تقديم أفضل ما لديك وعدم إظهار أي ضعف أمام الخصوم".
استحضر ابن الثانية والثلاثين قرار اعتزاله دولياً بعد الظفر بكأس العالم في البرازيل، موضحاً أنه لا يشعر بالندم على ترك المنتخب الألماني في سن مبكرة. وأوضح لام قائلاً: "أصبح ذلك في عداد الماضي البعيد بالنسبة لي. اتخذتُ القرار مبكراً، وكان بإمكاني تحضير نفسي لذلك. أنا الآن أستمتع بمشاهدة المباريات وأتمنى لرفاقي حظاً سعيداً. آمل أن يكون الحال كذلك في فرنسا الصيف المقبل خلال نهائيات كأس الأمم الاوروبية. لكن بصراحة، أصبح ذلك في عداد الماضي البعيد بالنسبة لي".
يتذكر لام باعتزاز أيضاً الثواني الستين الأخيرة من عمر الوقت الإضافي أمام الارجنتين في المباراة النهائية لكأس العالم في البرازيل، رغم أن الانتظار كان أليماً حينها، حيث أوضح في هذا الصدد: "لعبت كرة القدم وشاهدتها على مدى سنوات طويلة. أعلم أن أي شيء يمكن أن يحدث في اللحظات الأخيرة، لذلك كنت أتطلع إلى صافرة النهاية على أحر من الجمر".
وتابع: "عندما تكون متقدماً في النتيجة بهدف دون مقابل خلال الوقت الإضافي من المباراة النهائية، فإن كل ما تتمناه هو سماع صافرة النهاية وتقول في قرارة نفسك "صفر يا حَكم" كان الإحساس لا يُصدق عندما انتهت المباراة. شعرنا بالفرج والانشراح. حينها تتخلص من عبء كل ما حدث للمنتخب الوطني خلال السنوات السابقة، والهزائم المريرة التي تكبدها. تعيش لحظات رائعة خلال الساعتين اللتين تليان صافرة النهاية، حيث يمكنك مشاركة أحاسيسك مع الزملاء وأعضاء طاقم الفريق الذين رافقوك في مشوارك على مدى السنوات العشر الماضية. إنها لحظات لا تُنسى".