التواصل بالعطاء لتحقيق النفع العام التواصل بالعطاء لتحقيق النفع العام
التواصل بالعطاء لتحقيق النفع العام
قـــال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن الله حــــرم عليكم عقوق الأمهات ووأد البنات ، ومنعاً وهات : وكره لكم ثلاثاً: قيل وقال ، وكثرة السؤال ، وإضاعة المال) رواه البخاري
وقوله -صلى الله عليه وسلم- : (وكثرة السؤال).. فقد قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله - عند شرحه لهذا الحديث ما نصه: "وقد ثبت عن جمع من السلف كراهته تكلف المسائل التي يستحيل وقوعها عادة، أو يندر جـــــداً ؛ فالسؤال عن الأغلوطات ، والأمور المشكلات ، وما ليس للمرء حاجة فيه من الأمور - أمر منهي عنه ،
وهذا لا ينطبق على الألغاز الفقهية التي يقصد صاحبها من ورائها تعريف الناس إلى طرق البحث والتعليم لكل ما ينفع المرء ويفيد الناس عندما تطرح الإجابة عنه ،
وهذه طريقة محمودة لجذب المتعلم لأمور الحياة من العلماء والخبراء وأهل التجربة من الحكماء
ولقد عرفنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتواصل مع الصحابة رضوان الله عليهم ويطرح عليهم المعلومة على شكل سؤال في مواقف كثيرة ؛ ومنها على سبيل المثال لا الحصر :
عن معاذ بن جبل قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فأصبحت يوما قريبا منه ونحن نسير فقلت يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار قال لقد سألت عظيما وإنه ليسير على من يسره الله عليه تعبد الله لا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت ثم قال ألا أدلك على أبواب الخير الصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ النار الماء وصلاة الرجل من جوف الليل ثم قرأ تتجافى جنوبهم عن المضاجع حتى بلغ جزاء بما كانوا يعملون ثم قال ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه الجهاد ثم قال ألا أخبرك بملاك ذلك كله قلت بلى فأخذ بلسانه فقال تكف عليك هذا قلت يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به قال ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس على وجوههم في النار إلا حصائد ألسنتهم
والحياة لاتستقيم إلا بالتواصل والاجتماع بين البشر لإعمار الأرض وعمل الخير الذي يرضي الله تعالى ، وإن كان في السؤال مذلة كما يقولون ( ولو إلى أين الطريق ؟ لكن فيه اكتساب معرفة مالم يكن عن ارتكاب شر أو فساد في الأرض )
وللسائل أن يعرف قدر المسؤول ويستمع إليه ،
وأن يسأل أو يجيب بعد تفكر وتعقل وروية ،
ومن الحكايات التي تروى عن الإمام الشافعي رحمه الله ،
أنه كان يجلس لطلابه بجوار عموده في المسجد ، فجاء يوما فرأى شيخا ذا مهابة ووقار ، وكان الإمام الشافعي رضي الله عنه قد اعتاد أن يجلس متكئا بين طلابه ، فلما رأى الشيخ اعتدل في جِلْسَته وبدأ يحدثهم عن الكواكب ومداراتها
وشروق الشمس من المشرق وغروبها في المغرب ،
فسأل الشيخ : وإذا خرجت الشمس من المغرب ؟ مقاطعا الإمام
فقال الإمام الشافعي : إذن فليمدد الشافعي رجله !!
لأن السؤال لم يكن في موضعه ، كما أن للمتحدث احترام أن يُسْتَمَعَ إليه حتى ينتهي من حديثه
وهذا ما علمه الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه رضي الله عنهم ، فقد كان عليه الصلاة والسلام ، يستمع إلى محدثه ، ويقبل عليه بكل جوارحه مصغيا ، إلى أن ينتهي المتحدث فيبدأ صلى الله عليه وسلم في إجابته .
فلا تكن كما قال الشاعر :
أعرتك إذنا غير واعية = ورب مستمع والقلب في صمم
وعليك ألا تكون إمعة تابعا لغيرك في كل شيء ، بل كن واثقا بنفسك وليكن لك رأيك وكلمتك تعلق بها ، وتكتبها في حرية تعبيرية تامة مع التزامك بألا تضر غيرك بقولك أو بفعلك فهذا مما يتنافى مع قيم الدين الحنيف ، واعلم أن شكرك للمجيد تشجيع له على المزيد من الإجادة ، ونصيحتك له لا تكن علنية حتى لا تفضحه بين الناس ولتكن متواصلا مع موضوعات الآخرين بإيجابية تثري الموضوع ولا تهده ، يكونوا معك في موضوعاتك
ولكم جميعا تمنياتي بالتوفيق